في اليوم الدولي للمرأة.. استمرار الاعتداءات ضد النساء بإسبانيا رغم القوانين الصارمة
في اليوم الدولي للمرأة.. استمرار الاعتداءات ضد النساء بإسبانيا رغم القوانين الصارمة
اعتمدت إسبانيا، قبل 20 عامًا، قانونًا شاملًا لمكافحة العنف ضد المرأة، في خطوة رائدة على مستوى أوروبا، إلا أن العنف القائم على النوع الاجتماعي لم يتوقف، ما دفع ناشطات نسويات إلى انتقاد تقاعس الرجال وصمتهم إزاء هذه الجرائم.
ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن المحامية والناشطة ألتاميرا غونزالو أن القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2005، لم يهدف فقط إلى معاقبة الرجال العنيفين، بل سعى إلى تفكيك البنية الذكورية في المجتمع، عبر تغييرات في التعليم، والرعاية الصحية، والإعلانات، وغيرها من المجالات التي تعكس التمييز بين الجنسين.
وشكّل هذا التشريع أول قانون أوروبي يضع إطارًا شاملًا للتصدي للعنف ضد النساء، ما جعله نموذجًا لدول أخرى في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وحصلت غونزالو، الخميس، على جائزة المساواة من نقابة المحامين الإسبانية، تقديرًا لجهودها في الدفاع عن حقوق النساء، إلى جانب المحاميين الفرنسيين ستيفان بابونو وأنطوان كامو، اللذين دافعا عن الفرنسية جيزيل بيليكو، التي أصبحت رمزًا عالميًا للنضال ضد العنف الجنسي، بعد أن رفضت محاكمة مغتصبيها خلف أبواب مغلقة.
القوانين لم تنهِ العنف
ساعد القانون الإسباني على تقليل عدد النساء اللواتي يُقتلن على يد أزواجهن أو شركائهن السابقين، ففي عام 2024، سُجلت 48 جريمة قتل بحق النساء، وهو الرقم الأدنى منذ بدء الإحصاءات الرسمية عام 2008، عندما بلغت الحصيلة 76 جريمة.
وفّر القانون إجراءات حماية شاملة للضحايا، تضمنت محاكم متخصصة، ومساعدة قانونية مجانية، وأساور إلكترونية لمنع المعتدين من الاقتراب من ضحاياهم، إضافة إلى برامج إسكان طارئة.
وأكدت مانويلا كارمينا، القاضية السابقة ورئيسة بلدية مدريد بين 2015 و2019، أن القانون ركّز على حماية النساء لكنه لم يعالج السلوكيات الذكورية العنيفة، وشدّدت على أن المجتمع الإسباني يحتاج إلى تعزيز دور الرجال في مكافحة العنف، بدلًا من الاكتفاء بالصمت والتجاهل.
ووصفت وزيرة المساواة الإسبانية، آنا ريدوندو، الذكورية بأنها "فيروس منتشر في المجتمع"، مؤكدة أن الشبكات الاجتماعية أصبحت بيئة خصبة لنشر الأفكار الذكورية وتعزيز العنف ضد النساء.
حثّ الرجال على كسر صمتهم
دعا رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الرجال إلى كسر صمتهم بشأن العنف ضد المرأة، معتبرًا أن التواطؤ بالصمت يزيد من انتشار هذه الجرائم.
تساءل سانشيز خلال احتفال بالذكرى العشرين لقانون مناهضة العنف ضد المرأة: "كم عدد الرجال الذين عرفوا عن جرائم اغتصاب جيزيل بيليكو ولم يتحدثوا؟"، في إشارة إلى القضية التي أثارت جدلًا واسعًا في فرنسا.
وأكدت عضو المرصد الوطني لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ألتاميرا غونزالو، أن حالات العنف الجنسي ما تزال غير مبلّغ عنها بالشكل الكافي، مشيرة إلى أن النساء يخشين تقديم شكاوى بسبب الخوف من الوصم الاجتماعي أو الانتقام.
وأثار الحكم المخفف بحق رئيس الاتحاد الإسباني السابق لويس روبياليس، الذي أدين بتهمة الاعتداء الجنسي بعد تقبيله لاعبة كرة القدم جيني هيرموسو عنوة، استياءً واسعًا بين الناشطات الحقوقيات، اللاتي اعتبرن أن الحكم لم يكن رادعًا بما يكفي.
أشكال جديدة من العنف
واصلت إسبانيا، بعد مرور عشرين عامًا على إقرار القانون، توسيع نطاقه ليشمل أنواعًا جديدة من العنف ضد المرأة، مثل العنف الرقمي، والعنف الاقتصادي، والعنف غير المباشر، الذي يتمثل في استهداف الأطفال لإيذاء الأمهات نفسيًا.
ورغم التحسن الملحوظ في حماية النساء، فما تزال الحكومة الإسبانية والناشطات الحقوقيات يؤكدن أن الطريق إلى المساواة لم يكتمل بعد، وأن القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي يتطلب مشاركة مجتمعية أوسع، خاصة من الرجال.